تقارير

القاضي قاهر مصطفى صمّام العدالة وركيزة النيابة العامة بعد العاصفة

نافذة عدن /خاص :

في لحظة من تاريخ الوطن كادت فيها العدالة أن تغيب، والمؤسسات أن تنهار، برز اسم القاضي قاهر مصطفى ليكون واحدًا من أعمدة الإنقاذ القضائي، ورمزًا للثبات في زمن اهتزت فيه الكثير من الثوابت.

بعد حرب 2015، وجدت النيابة العامة نفسها أمام واقعٍ صعب، لا مؤسسات تعمل، ولا بيئة قضائية آمنة، ولا موارد متاحة. تعطّلت أعمالها في العديد من المحافظات، وفي مقدمتها العاصمة المؤقتة عدن، حيث حلّ الفراغ محل القانون، والفوضى محل النظام، وأصبح الأمل في استعادة العدالة يبدو بعيد المنال.

لكن مع تولي القاضي قاهر مصطفى منصب النائب العام، تغيّر المسار، وبدأت مرحلة جديدة عنوانها “إعادة البناء من تحت الرماد”.

فلم يكن دور معالي النائب العام تنظيميًا فقط، بل كان ميدانيًا، حيويًا، ومبادرًا. فمنذ اليوم الأول، بدأ في فتح النيابات المغلقة في محافظة عدن ومحافظات أخرى، رغم شحّ الإمكانات ومحدودية الموارد، ووسط ظروف أمنية بالغة الصعوبة.

لم يتوقف أمام العوائق، بل خاض التحدي بإرادة توازي جبل شمسان في صلابتها. فتم إعادة تشغيل مجمع النيابات العامة، وتوفير الحماية اللازمة للقضاة وأعضاء النيابة، واستعادة ثقة الكادر القضائي بالعمل العام، بفضل موقفه الإنساني ووقوفه الصادق إلى جانبهم في محنهم وأفراحهم.

بقيادة القاضي قاهر مصطفى انتقلت النيابة العامة من مؤسسة غائبة إلى سلطة فاعلة عادت النيابة العامة إلى واجهة الفعل القضائي، لا كمجرد جهاز تقني، بل كسلطة قانونية مستقلة تُمارس دورها في ملاحقة الجريمة، وضمان سيادة القانون، وحماية الحقوق والحريات.

ففي عهده:
أصبحت النيابة العامة مؤسسة تُراقب ولا تُراقب، تؤدي مهامها باستقلال وحياد، و لم تعد الملفات تُطوى أو تُسوّى، بل تُفتح وتُحاسب، وتُخضع للمساءلة ، و انتقل دور النيابة من العمل الروتيني إلى المبادرة والإنجاز، في مكافحة الفساد والجرائم المنظمة.

ما ميّز القاضي قاهر مصطفى عن كثيرين أنه لم يتعالَ على الناس بموقعه، بل نزل إليهم، واستقبل الشكاوى بيده، وقرأها بعين المسؤول الصادق، ووجه بحزم وشفافية في ضوء القانون، لا الأهواء.
لم يجعل من المنصب متراسًا، بل منبرًا للحق. ولم يكتفِ بالتوجيهات، بل تابع التفاصيل بنفسه، وقاد الفرق الرقابية والتفتيشية على الأرض، وفرض هيبة النيابة العامة كمؤسسة للدولة لا أداة لأحد، فهو قريب من الناس… بعيد عن المجاملة

ففي زمن التحوّل الرقمي، لم يتقاعس، بل كان سبّاقًا في تحديث آليات العمل النيابي، وتطوير أدوات الأداء، إيمانًا منه أن العدالة المتأخرة أقرب إلى الظلم، وأن المواطن يستحق نظامًا قضائيًا عصريًا يواكب تطلعاته.

بفضل ذلك، تحققت نقلات نوعية في سرعة الإنجاز، وأتمتة الإجراءات، وتسهيل الوصول إلى الخدمات القضائية.

من خلال رئاسته للنيابة العامة، استطاع القاضي قاهر مصطفى أن يُعيد ترميم الثقة بين المواطن والقضاء ، وان يُعيد صياغة العلاقة بين سلطات الدولة على أساس من القانون، وان يُثبت أن القيادة ليست خطابًا، بل قدرة على تحويل الفكرة إلى واقع، والنية إلى فعل.

إن القاضي قاهر مصطفى لم يكن مجرد مسؤول في مرحلة صعبة، بل كان صوت المقهورين، وضمير العدالة، وصمّام أمان لمؤسسة كادت أن تفقد دورها.
هو من جسّد المعادلة الصعبة: أن تقود في وسط العاصفة، وأن تبني في وقت الهدم، وأن تُنصف حين يسهل التجاوز.

له منا، ومن كل صاحب حق، تحية تقدير، ودعاء صادق بأن يُمدّه الله بالعون، ويكتب لجهده القبول، ولعدالته الاستمرار.
✍️ابو الحسين

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار