الجنوب اليمني: أزمة معيشية خانقة وصبر ينفد
تتفاقم الأزمات في الجنوب اليمني يوماً بعد يوم، حيث أصبح المواطنون يعانون من أزمات معيشية وخدمية قاسية في ظل غياب الحلول الفعّالة من الجهات المسؤولة. أصبح الفقر واقعاً صعباً، في وقت تنهار فيه العملة المحلية بسرعة وتستمر الأسعار في الارتفاع، مما يزيد من معاناة المواطنين.
أبسط متطلبات الحياة اليومية، مثل الغذاء والدواء، أصبحت بعيدة عن متناول اليد. ويتساءل المواطن الجنوبي: كيف يمكن البقاء على قيد الحياة براتب شهري لا يتجاوز ستين ألف ريال يمني؟ وهو مبلغ بالكاد يغطي احتياجات يوم واحد، فما بالك بشهر كامل؟
والمعاناة لا تقتصر على الموظفين الحكوميين فقط، بل تشمل العاملين بالأجر اليومي الذين يواجهون شبح البطالة. الأسواق تعاني من الركود نتيجة ضعف القدرة الشرائية، والمجاعة أصبحت شبحاً يطارد العديد من الأسر.
أما التعليم فيواجه تحديات جسيمة، حيث تعجز الأسر عن تغطية تكاليف الدراسة الجامعية وأجور المواصلات المرتفعة. وفي ظل هذه الأوضاع الصعبة، يزداد الفساد في المؤسسات الحكومية بشكل ينذر بخطر كبير، بينما تظل ملفات الفساد مغلقة دون محاسبة حقيقية.
المسؤولية المشتركة
تتحمل الحكومة الشرعية المسؤولية الكبرى، كونها الجهة المتحكمة بالموارد والمساعدات، ولكن المجلس الانتقالي لا يُعفى من المسؤولية باعتباره شريكًا في السلطة. هذا التداخل بين المسؤوليات يجعل المواطن الجنوبي يتساءل: إلى متى سيستمر هذا التدهور؟
يُقال إن “الجوع كافر”، ومعاناة الناس في الجنوب وصلت إلى مستوى لا يُحتمل. الاستمرار في هذا الوضع المتأزم يهدد باندلاع احتجاجات شعبية قد تكون عواقبها كارثية.
وفي ظل هذه الأزمات، تثار المخاوف حول “البطاقة الذكية” التي يُقال إنها تحمل مخاطر أمنية وصحية. لماذا الإصرار على تطبيقها، رغم توفر بطاقات الهوية الوطنية التي تفي بالغرض؟ الشائعات المتداولة حول قدرة البطاقة على تتبع حاملها أو احتوائها على برمجيات خطيرة تزيد من القلق في الشارع الجنوبي.
دعوة للعمل
المسؤولية اليوم تقع على عاتق النخب السياسية، الثقافية، والإعلامية، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان، للعمل على مواجهة هذه الأزمات ودعم شعب الجنوب في هذه اللحظة المصيرية.
إنها لحظة حاسمة؛ إما أن يكون الجنوب أو لا يكون. الجنوب يستحق حياةً كريمةً خالية من الفقر والفساد، وهذا حق مشروع يسعى أبناؤه لتحقيقه من خلال استعادة دولتهم الحرة والمستقلة ذات السيادة الكاملة.