مقالات

الحصاد المر: من “كأس السم” للخميني إلى انهيار النفوذ الإيراني في عهد خامنئي

نافذة عدن/متابعات:

لطالما كانت إيران مركزًا للجدل السياسي والجغرافي في منطقة الشرق الأوسط، حيث تمزج بين الطموحات القومية والأيديولوجيا الدينية في مشروع توسعي أثار قلق جيرانها والمجتمع الدولي. منذ قيام “الجمهورية الإسلامية” في 1979 على يد آية الله الخميني، سعت إيران لتصدير ثورتها، مستخدمة استراتيجيات متنوعة من القوة الناعمة والدعم العسكري والسياسي لفصائل مسلحة في المنطقة.

تعتبر الفترة بين قبول الخميني بقرار وقف الحرب مع العراق في 1988 وحتى سقوط نظام الأسد في سوريا في 2024 مرحلة مفصلية في تاريخ السياسة الإيرانية. هذه الحقبة، التي استمرت 36 عامًا، شهدت استثمارات ضخمة من إيران في الأرواح والموارد الاقتصادية لبناء نفوذ إقليمي مستدام، دعمًا لجماعات إرهابية وميليشيات لادولتية في عدد من البلدان العربية. أُطلق عليها “محور الممانعة”، الذي ضم نظام الأسد في سوريا، حزب الله في لبنان، الفصائل الولائية في العراق، والحوثيين في اليمن.

“كأس السم” والانكسار في الحرب العراقية الإيرانية:

في 1988، عقب قبول الخميني قرار مجلس الأمن رقم 598 لوقف الحرب مع العراق، وصف الخميني هذه اللحظة بأنها “تجرع كأس السم”، حيث كانت الحرب بالنسبة لإيران حربًا وجودية انتهت دون تحقيق مكاسب ملموسة، بل خلفت دمارًا هائلًا. كان هذا القرار بمثابة انكسار رمزي لمشروع تصدير الثورة.

سياسة ما بعد الحرب: بناء النفوذ الإقليمي:

بعد الحرب، بدأت إيران في إعادة بناء جيشها وحرسها الثوري، وأطلقت استراتيجيات جديدة لمد نفوذها الإقليمي عبر الوكلاء، مستغلة الأزمات في المنطقة. على الرغم من الاستثمارات الضخمة في دعم الميليشيات في العراق، سوريا، لبنان، واليمن، إلا أن “كأس السم” كان أسرع من المتوقع.

سقوط الأسد ونهاية “محور الممانعة”:

سقوط نظام بشار الأسد في 2024 يُعد نقطة تحول دراماتيكية لإيران، حيث فقدت حليفًا استراتيجيًا دعمته في حربه ضد العراق وأرسلت له قوات ومستشارين. انهيار النظام السوري يمثل هزيمة استراتيجية لإيران، مع تداعيات كبيرة على نفوذها في العراق واليمن، مما يكشف عن حدود القوة الإيرانية.

نهاية حقبة أم نهاية النظام؟

من “كأس السم” الذي تجرعه الخميني في 1988 إلى “كأس السم” الذي يواجهه خامنئي اليوم بانهيار نفوذ إيران في سوريا ولبنان، تعكس هذه الحقبة صراعًا مستمرًا بين الطموحات الإيرانية والقيود المفروضة عليها. وبينما تتصاعد الضغوط الدولية والإقليمية على إيران، فإن التحولات الكبرى قد تقودها إما إلى تراجع استراتيجياتها الخارجية أو إلى استمرار التحديات التي تهدد وجود النظام نفسه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار