مقالات

النساء اليمنيات في مرمى المعلومات المضللة وحروبها الرقمية

نافذة عدن/آلاء نصر:
في خضم الصراعات المتعددة التي تمزق اليمن، لم تعد جبهات القتال تقتصر على الميدان العسكري فحسب، بل امتدت لتشمل الفضاء الرقمي، حيث أصبحت المعلومات المضللة سلاحًا فتاكًا ومع وجود آلة إعلامية ضخمة وممولة تعمل على بث الفتن وتأجيج الانقسامات وتفكيك النسيج المجتمعي، تبرز الحاجة الملحة لحماية النساء من الابتزاز الرقمي، الذي يستهدفهن بشكل ممنهج عبر منصات التواصل الاجتماعي. تشير تقارير الأمن في عدن إلى أن حالات الابتزاز الإلكتروني تشكل 70% من الجرائم الإلكترونية المسجلة، وهو رقم صادم يؤكد ضرورة تعزيز أدوات التحقق المهنية. هذا يتطلب تدريبات عملية للنساء على استخدام تقنيات كشف الصور والفيديوهات المزيفة، خاصة وأن استطلاعات رأي سابقة كشفت أن 60% من النساء في محافظات جنوب اليمن لا يدركن خصائص الخصوصية على فيسبوك.

إن ضعف الوعي الرقمي لدى النساء في عدن وجنوب اليمن يمثل فجوة كبيرة تستدعي حلولًا فورية ومستدامة. ومن بين المقترحات التي يمكن تبنيها لسد هذه الفجوة: إطلاق حملة الوعي الرقمي التي تستهدف المدارس والجامعات بالشراكة مع منظمات دولية لتقديم ورش عمل وتدريبات مكثفة حول السلامة الرقمية، وكيفية التعرف على المعلومات المضللة، وحماية البيانات الشخصية. كذلك، يبرز أهمية تأسيس شبكة دعم نفسي لتقديم الدعم النفسي للنساء ضحايا التضليل والابتزاز من خلال خط ساخن مجاني ومراكز استشارية متخصصة. وأخيرًا، يمكن تبني “ميثاق شرف إعلامي على غرار الميثاق الذي وقعته 9 مؤسسات يمنية في 2023، والذي يمكن أن يساهم تفعيل العمل به في الحد من المحتوى المضلل والمحرض.

على الرغم من أهمية هذه المقترحات في التخفيف من حالات العنف الرقمي الذي تواجهه النساء والفتيات في اليمن، إلا أن تنفيذها يواجه تحديات جسيمة. يأتي في مقدمة هذه التحديات انعدام البنية التحتية، حيث تشير إحصاءات يمنية إلى أن 100% من سكان الحديدة، على سبيل المثال، لا يستطيعون الوصول إلى الإنترنت بانتظام. يضاف إلى ذلك ضعف التمويل الذي يعيق إطلاق وتنفيذ البرامج والمبادرات بشكل فعال، بالإضافة إلى صعوبة إيجاد مؤسسات متخصصة وقادرة على تقديم الدعم والتدريب اللازمين على نطاق واسع في ظل الظروف الراهنة.
إن حماية النساء اليمنيات من مخاطر المعلومات المضللة والابتزاز الرقمي ليست مجرد قضية أمنية، بل هي قضية حقوق إنسان وتنمية مجتمعية تتطلب جهودًا متضافرة. يجب أن تتكاتف الحكومة والمجتمع المدني والمنظمات الدولية لتعزيز الوعي الرقمي، وتوفير آليات الدعم والحماية، وبناء بنية تحتية رقمية قوية تضمن وصول الجميع إلى المعلومات بشكل آمن وموثوق. كيف يمكن تحقيق هذه الأهداف الطموحة في ظل استمرار الصراعات والظروف الصعبة التي يشهدها اليمن؟

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار